بعد قرار مجلس الأمن وقف إطلاق النار في غزة| هل انتهى دعم أمريكا لإسرائيل؟.. «صحف عبرية» تكشف تفاصيل الخلاف بين واشنطن وتل أبيب قبيل القرار.. وأساتذة قانون دولي: خطوة إيجابية وملزمة لوقف القتال

0 تعليق ارسل طباعة تبليغ
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

"إسرائيل بدأت تفقد دعم المجتمع الدولي بقصفها العشوائي غزة، الذي أودى بحياة آلاف المدنيين الفلسطينيين"، بداية هذه التصريحات التي أدلى بها الرئيس الأمريكي جو بايدن بنهاية ديسمبر الماضي، كان التوافق الأمريكي والدعم اللامحدود لتل أبيب قد بدأ في التلاشي حيث شكلت هذه التصريحات التي أدلى بها بايدن وسط تجمع يهودي، أول ظهور للخلاف الذي بدأ في الكشف عن نفسه في العلن، وفي آخر الخطوات كن امتناع واشنطن عن التصويت أو الطعن باستخدام الفيتو على قرار مجلس الأمن الرامي لوقف إطلاق النار في غزة.

قرار مجلس الأمن الدولي بوقف إطلاق النار في غزة

وكان مجلس الأمن الدولي قد وافق، مساء أمس الاثنين، على قرار يطالب بوقف فوري لإطلاق النار خلال شهر رمضان والإفراج الفوري وغير المشروط عن الرهائن و"الحاجة الملحة لتوسيع تدفق" المساعدات إلى غزة، حيث صوّتت 14 دولة لصالح القرار، بينما امتنعت الولايات المتحدة عن التصويت.

من جانبه، دعا الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، إلى تنفيذ قرار مجلس الأمن على الفور، قائلا: ""لقد وافق مجلس الأمن للتو على قرار طال انتظاره بشأن غزة، يطالب بوقف فوري لإطلاق النار، والإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع الرهائن. يجب تنفيذ هذا القرار. الفشل لن يغتفر".

وعلى الرغم من الخلافات العلنية التي باتت السمة الغالبة للعلاقة بين الولايات المتحدة وإسرائيل، والتي وصلت على هجوم بايدن على حكومة نتنياهو ووصفها بالحكومة "الأكثر تشددًا في تاريخ إسرائيل.. والتي لا تريد حل الدولتين"، إلا أن الأوساط السياسية في إسرائيل لم تكن تتوقع أن تتخلى أمريكا عن موقفها في مجلس الأمن، وجاء تصرف واشنطن بالامتناع عن التصويت، ما أدى إلى تمرير قرار مجلس الأمن لوقف إطلاق النار.

خلافات بين واشنطن وتل أبيب.. تفاصيل اللحظات الأخيرة قبيل إصدار قرار مجلس الأمن

وعلى وقع الصدمة بدأت الصحف الإسرائيلية في الهجوم على حكومة نتنياهو في أعقاب الامتناع الأمريكي عن التصويت في مجلس الأمن، حيث أكدت العديد من الصحف العبرية أن العزلة الدولية تتزايد على إسرائيل، وأن الحكومة التي وصفوها بالساذجة يجب أن تتحرك لإيجاد حلول للأزمة والإفراج عن الرهائن. 

وفي صحيفة جيروسالم بوست، نشرت الباحثة والأكاديمية سوزان هاتيس رولف، وهي عضو سابق في الكنيست الإسرائيلي، مقالًا بعنوان "عزلة إسرائيل تتزايد، والحلول ساذجة في ظل الحكومة الحالية".

تستهل الكاتبة مقالها بالإشارة إلى ما نشرته مجلة الإيكونوميست يوم السبت الماضي على غلافها، إذ وضعت على غلافها عنوانًا مفاده أن "إسرائيل وحدها"، وأشارت الكاتبة إلى أن الموقف العالمي بدأ يتغير بعد الدعم اللامحدود من دول العالم في أعقاب هجوم 7 أكتوبر، إلا ان هذا بدأ في التلاشي وفي مقدمة هذه الدول التر تراجعت عن الدعم الحليف الأول "واشنطن"، بدأ أنصار إسرائيل السابقون يهددونها بفرض عقوبات، خاصة في مجال مبيعات الأسلحة والذخائر، وتدهورت العلاقات مع الولايات المتحدة.

وترى الكاتبة أن "ما تحتاج إليه إسرائيل حتى تتمكن من عكس عزلتها المتنامية هو تغيير أساسي في العقلية، وهو التغيير الذي لا يمكن أن ينجم إلا عبر تغيير الحكومة الإسرائيلية".

أما صحيفة "إسرائيل هيوم" وتحت عنوان "كيف فاجأت الولايات المتحدة إسرائيل على حين غرة؟" تشرح الكاتبة والمحللة شيريت أفيتان كوهين ما كان يجري في الساعات الأخيرة قبل التصويت في مجلس الأمن، تقول "محادثات سرية، ضغوط دبلوماسية، وتوترات متزايدة، هكذا كانت الساعات التي سبقت الأزمة المتصاعدة بين إسرائيل والولايات المتحدة حول صياغة نص قرار مجلس الأمن، وتضمنت محادثات على كافة المستويات بين البلدين".

"حاولت إسرائيل في البداية العمل مع الولايات المتحدة لتخفيف صياغة القرار، لكن عندما فشلت في ذلك، حاولت إسرائيل إقناع البيت الأبيض باستخدام حق النقض، وعندما لم ينجح ذلك، أصدر رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو تصريحات قاسية ضد الولايات المتحدة، مما جعل الأزمة علنية"، بحسب كوهين.

وتنقل كوهين التسريبات التي حصلت عليها صحيفة إسرائيل هيوم قبيل التصويت، والتي توّضح بأن "محادثات جرت خلال الليل بين الوزير رون ديرمر وكبار المسؤولين في البيت الأبيض، وبين سفير اسرائيل في الأمم المتحدة جلعاد إردان ونظيرته السفيرة الأميركية ليندا توماس غرينفيلد. وعلى الرغم من نجاح الولايات المتحدة في هذه المحادثات لتخفيف المسودة الأصلية للقرار، إلا أنه في النتيجة تم دمج إطلاق سراح المحتجزين ووقف إطلاق النار في بند واحد، كذلك خلا القرار من إدانة حركة حماس بعد شنّ هجمات 7 أكتوبر".

"هذه الأمور دفعت إسرائيل إلى المطالبة في الساعات الأخيرة بأن يستخدم صديقها الكبير حق النقض ضد المقترح، في إشارة للولايات المتحدة"، ولكن بعد ذلك سمع مسؤولون إسرائيليون كبار للمرة الأولى أن أعلى المستويات في البيت الأبيض يصرون هذه المرة على عدم استخدام حق النقض، وهو ما فاجأ إسرائيل، التي تعتبر القرار بأنه يشكل خطرًا كبيرًا، لأن تفسيراته واسعة وقد تتسبب بإشكالية كبرى لإسرائيل"، بحسب ما ذكرت الكاتبة كوهين.

إسرائيل تنسحب من محادثات الهدنة 

وبعد أن انسحب الوفد الإسرائيلي من محادثات الهدنة، انسحب أيضا اليوم من المحادثات الجارية في الولايات المتحدة في أعقاب امتناع الولايات المتحدة عن التصويت في مجلس الأمن، حيث قال مسؤول أمريكي إن واشنطن في حالة من الحيرة بسبب قرار إسرائيل يوم الاثنين الانسحاب من محادثات مزمعة هذا الأسبوع بشأن غزة وتعتبر القرار رد فعل مبالغا فيه على امتناع الولايات المتحدة عن التصويت على قرار لمجلس الأمن بشأن وقف إطلاق النار في غزة، وفقا لوكالة "رويترز".

مسؤول أمريكي: بايدن لا يخطط للاتصال بنتنياهو

وذكر المسؤول الأمريكي أن حالة التوتر في السياسة المحلية في إسرائيل يُحتمل أنها السبب في تقرير رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو عدم إرسال وفد إسرائيلي إلى واشنطن لحضور المحادثات، مضيفًا أن الرئيس جو بايدن لا يخطط الاتصال بنتنياهو بشأن القرار وأن نتنياهو لم يبادر بالاتصال ببايدن قبل القرار.

أساتذة قانون دولي: قرار مجلس الأمن "خطوة إيجابية متأخرة"

وفي هذا الشأن وصف الدكتور نبيل حلمي، أستاذ القانون الدولي، قرار مجلس الأمن الدولي بـ"الخطوة الإيجابية" نتيجة للضغوط الدولية الرافضة لاستمرار العدوان على غزة مع تزايد عدد الضحايا لما يفوق الـ 30 ألف شهيد منذ بدء الحرب على غزة في أكتوبر الماضي. 

وأضاف "حلمي" أن قطاع غزة على مدار الأشهر الماضية شهد العديد من الانتهاكات والمخالفات للقانون الدولي، بل ومخالف للإنسانية أيضًا، ومن هنا فإن قرار مجلس الأمن يعد خطوة قوية بعد ضغوط دولية كبيرة دعت على ضرورة وقف نزيف الدماء وقتل المدنيين الأبرياء في قطاع غزة، وتسهيل وصول المساعدات بعدما ضربت المجاعة أرجاء غزة. 

وأرجع أستاذ القانون الدولي سبب امتناع واشنطن عن التصويت إلى أن إطالة أمد الحرب والخلافات بين بايدن ونتنياهو هي من دفعت واشنطن لاتخاذ هذا الموقف، لانها لا تريد بأي حال من الأحوال إطالة أمد الحرب على غزة، لأن إسرائيل أو أمريكا لا يمكنهما البقاء في حروب لفترات طويلة، لانها تمثل استنزافا لميزانيات ضخمة في البلدين على غرار ما حدث لأمريكا في حروب فيتنام وأفغانستان والصومال والعراق. 

القرار إلزامي لإسرائيل

من جهته، شدد أستاذ القانون الدولي محمد محمود مهران، على أهمية قرار مجلس الأمن الذي يعد إلزامي لإسرائيل، وكافة أطراف الصراع حيث يأتي القرار استنادًا إلى القانون والمواثيق الدولية التي تستهدف الحفاظ على الأمن والسلم الدوليين.

وأوضح "مهران" في تصريحات تليفزيونية، أن قرار مجلس الأمن يتسق مع ميثاق الأمم المتحدة، كما أنه صادر بموجب الفصل السابع الذي يتناول الإجراءات المتخذة في حالات تهديد السلم والإخلال به ووقوع العدوان، ومن هنا فإن جميع الأطراف المتصارعة لوقف القتال، بل أن مجلس الأمن يملك أدوات مشددة لإجبار إسرائيل على تنفيذ قرار وقف النار، قد تصل للتدخل العسكري إذا لم تمتثل للقرار.

ولفت أستاذ القانون الدولي إلى أن المادة 25 من الميثاق تجعل قرارات المجلس ملزمة لجميع الدول الأعضاء بالأمم المتحدة، مشيرا إلى أن المادة 39 تمنحه سلطة تقديرية في تحديد وجود أي تهديد للسلم أو إخلال به أو عمل عدواني، واتخاذ التدابير المناسبة وفقا للمادتين 41 و42 لحفظ السلم والأمن الدوليين أو إعادتهما إلى نصابهما.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق