لغز الأسعار..الصعود بسرعة الصاروخ.. والانخفاض ببطء

على الرغم من الانخفاض المستمر للأسعار بحسب مؤشر منظمة الأغذية والزراعة ، إلا أن ذلك لم ينعكس على أسعار الاغذية والحبوب التي تصعد بسرعة الصاروخ وتتراجع ببطء شديد. ووفقاً للتقارير انخفض مؤشر منظمة الأغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة (فاو) لأسعار الغذاء العالمية في فبرايرالماضي للشهر السابع على التوالي، إذ بدد انخفاض أسعار جميع الحبوب الرئيسية ارتفاع أسعار السكر واللحوم. وسجّلت أسعار صادرات الذرة الانخفاض الأكبر في ظلّ التوقعات التي أثّرت على السوق بشأن وجود حصاد كبير في الأرجنتين والبرازيل، إلى جانب الأسعار التنافسية التي تعرضها أوكرانيا سعيًا منها إلى الاستفادة من حسن سير طريق التجارة البحرية.وفي ما يتعلق بالقمح، أتى التراجع في الأسعار الدولية نتيجة تدني الأسعار للتصدير بشكل رئيسي، بفعل تسارع وتيرة التصدير في الاتحاد الروسي، ما دفع الأسعار من مصادر أخرى إلى الانخفاض، وبخاصة في الاتحاد الأوروبي. وتماشيًا مع انخفاض أسعار القمح والذرة في الأسواق، تراجعت أيضًا الأسعار العالمية للشعير والذرة الرفيعة.

وشهدت الأسعار الدولية للحوم الدواجن الارتفاع الأكبر، تبعتها لحوم الأبقار، مدفوعة بشكل رئيسي بارتفاع الطلب من البلدان المستوردة.

5 عوامل للارتفاع

يقول الباحث سلطان الخالدي: إنه في خضم الأسواق الناشئة غير المستقرة مع المتغيرات الاقتصادية العالمية والإقليمية تعيش السلع في حالة عدم استقرار تارة نجدها في أبراج عاجية وتارة تقبع في سبات وهدوء، ومنها سوق الأغنام والذي يشهد ارتقاعات قبيل المواسم سواء في شهر رمضان ومناسبة عيد الفطر والأضحى المبارك لعوامل معينة من أهمها الأعلاف والشحن وارتفاع كلفة الإنتاج من بلد المنشأ والعوامل الأخرى التي قد يكون من الصعب تغييرها وهي الأقبال على أنواع معينة وعدم البحث عن بدائل، والارتفاعات غير المقبولة ترجع لأسباب اقتصادية بنسبة 30% والنسبة الباقية 70% إلى المستهلك. واستغرب الارتفاعات السعرية السريعة وبطء التراجع في الأسعار.

تراجع حذر

من جهته، يقول لـ «المدينة»، الدكتور خالد رمضان، الخبير الاقتصادي، ورئيس المركز الدولي للدراسات الإستراتيجية بالقاهرة، إن أسعار اللحوم الحمراء العالمية، هبطت بشكل هامشي منذ ديسمبر الماضي، وذلك بنسبة 0.3٪ تقريباً، ولكنها مع ذلك، تعد أعلى من أسعار نفس الفترة من عام 2023، وحذر من أن هذا التراجع قد يتغير إلى الارتفاع خلال النصف الأخير من عام 2024، وذلك بفعل قلة المعروض العالمي، وعلى سبيل المثال، هناك 87.2 مليون رأس من الماشية والعجول في الولايات المتحدة، وهو أدنى مخزون من اللحوم الحية منذ عام 1951، وأوضح أن هذا العرض المحدود لا يرجع إلى وجود مرض بين الماشية، ولكن السبب الحقيقي هو ظروف الجفاف، وارتفاع تكاليف الأعلاف اللازمة لتغذية الماشية، ويؤثر الطقس السيئ، وارتفاع التكاليف، وعدم اليقين الجيوسياسي سلباً على القطاع، ولذلك، من المتوقع أن ترى الأسرة العالمية آثاراً أكثر حدة في فواتير محلات الجزارة خلال الفترات المقبلة.

ويقارن الخبير الاقتصادي بين أسعار اللحوم الحمراء في كل دول العالم، والتي تظهر ارتفاعاً ملحوظاً في المنطقة العربية، إذا ما قورنت بدخل المستهلكين المتاح للشراء، وعلى سبيل المثال، فإن أكبر 10 دول تتصدر ارتفاعات سعر كيلو لحم البقر هي سويسرا، إذ يبلغ السعر 53 دولار للكيلو، ثم تأتي كوريا الجنوبية بسعر 30 دولاراً للكيلو، فالنرويج (26 دولاراً)، تتبعها هونج كونج (24 دولاراً)، ولوكسمبورج (20.8 دولار)، ثم سنغافورة (20.6 دولار)، وفرنسا (20 دولاراً)، والنمسا (19.9 دولار)، وفنلندا (19.7 دولار)، تحل تايوان في المرتبة العاشرة (18.3 دولار)، وعلى سبيل توسيع المقارنة، فإن الولايات المتحدة تأتي في المرتبة 16 عالمياً، حيث يبلغ سعر كيلو اللحم 16 دولاراً، فيما تأتي الصين في المرتبة 40 عالمياً، بسعر 11.7 دولار للكيلو، أما السعودية، فتأتي في المرتبة 31 عالمياً، حيث يبلغ سعر كيلو لحم البقر 13 دولاراً، أما أقل دولة في العالم من حيث سعر الكيلو فهي باكستان، إذ يبلغ سعر كيلو لحم البقر 3.5 دولار.

ويشير الدكتور خالد رمضان، إلى ان ارتفاع أسعار اللحوم، يعطي صورة أكثر دقة لاحتساب تكلفة المعيشة التي تؤثر بالنهاية على القدرة الشرائية للمستهلكين، وحجم الإنفاق الاستهلاكي، ومقومات انتعاش ثقة المستهلكين في الاقتصاد والأسواق، لافتاً إلى أن تكلفة المعيشة في السعودية، تعد أقل بنسبة 35.6% في المتوسط، مما هي عليه في الولايات المتحدة، كما أن الإيجار السكني في المملكة أقل بنسبة 72.7٪ في المتوسط، مما هو عليه في الولايات المتحدة، وطبقاً للبيانات الحالية، مع مراعاة مستويات التضخم، فإن العائلة السعودية المكونة من أربعة أفراد تقدر تكاليفها الشهرية 10.8 آلاف بدون إيجار، بينما التكاليف الشهرية للفرد الواحد هي 3 آلاف بدون الإيجار.