المحكمة العليا في أميركا منقسمة بشأن حصانة ترامب

0 تعليق ارسل طباعة تبليغ

لم يكن مقدم الالتماس في قضية «ترامب ضد الولايات المتحدة» حاضراً في 25 أبريل، عندما نظرت المحكمة العليا في ما إذا كان ينبغي أن يتمتع دونالد ترامب والرؤساء السابقون الآخرون بالحصانة من المسؤولية الجنائية، عن أفعالهم الرسمية أثناء وجودهم في مناصبهم. فبدلاً من أن يكون ترامب في شارع «فيرست ستريت»، بفندقه الفخم، كان يجلس في قاعة محكمة أقل مهابة في مدينة نيويورك، حيث يواجه اتهامات حكومية بالتستر على مدفوعات مالية لممثلة أميركية.

إن الفوز في قضية «ترامب ضد الولايات المتحدة» لن يساعده في نيويورك، لأن تلك الجرائم المزعومة وقعت عشية انتخابات عام 2016، قبل أن يصبح رئيساً. كما أن نجاحه في المحكمة العليا لن يسمح له بالتهرب من التهم الموجّهة إليه في فلوريدا، والمتعلقة بوثائق سرية حدث سوء التعامل المزعوم فيها بعد تركه لمنصبه. ومع ذلك، فإن جرعة من الحصانة من شأنها أن تعني نهاية أخطر قضية ضد ترامب: الاتهامات الفيدرالية التي رفعها المستشار الخاص، جاك سميث، بأنه تآمر لإلغاء نتائج انتخابات عام 2020.

ورفضت محكمتان ابتدائيتان التماس ترامب للحصول على حصانة شاملة. وفي فبراير، كتبت لجنة مكونة من ثلاثة قضاة في محكمة الاستئناف، أن «التحصين الكامل» للرؤساء الذين تركوا مناصبهم من شأنه أن يقوّض «الواجب الدستوري الأساسي للسلطة القضائية، المتمثل في تحقيق العدالة في الملاحقات الجنائية»، لكن جلسة الاستماع التي استغرقت نحو ثلاث ساعات في المحكمة العليا، وبدت لفترات طويلة وكأنها ندوة على مستوى الدراسات العليا في الجامعة، حول السلطة الرئاسية أكثر من كونها إجراء قضائياً، أوضحت أن القضاة يعتقدون أن المسألة القانونية ليست واضحة بما يكفي.

وحذر جون سوير، محامي ترامب، من أن «التهديد الذي يلوح في الأفق» بالملاحقة القضائية بعد ترك المنصب «سيشوّه عملية صنع القرار لدى الرئيس»، ويعوقه أثناء وجوده في منصبه. وأشار المحامي إلى أنه من دون حصانة شاملة، يمكن اتهام باراك أوباما اليوم بالقتل بسبب ضربات طائرات من دون طيار خطأ. وفي المستقبل يمكن تحميل الرئيس جو بايدن المسؤولية الجنائية لسماحه للمهاجرين بعبور الحدود. وأصر سوير على أن هذه ليست طريقة للتعامل مع جهة تنفيذية.

لكن نداء سوير أثار الشكوك في أروقة القضاء. وتساءل رئيس المحكمة العليا، جون روبرتس، عما إذا كان من الممكن محاكمة الرئيس الذي يعين سفيراً لقبوله رشوة بعد ترك منصبه. ورد سوير بأن تلقي الرشوة يقع خارج نطاق السلوك الرئاسي الرسمي. وأضاف: «لكن تعيين سفير هو بالتأكيد ضمن المسؤوليات الرسمية للرئيس»، ما يدل على صعوبة فك التشابك بين الملابسات القانونية.

وقد دفع هذا القاضية في المحكمة العليا، سونيا سوتومايور، إلى إحياء سيناريو افتراضي من جلسة محكمة الاستئناف: ماذا عن استخدام فريق من قوات البحرية لاغتيال منافس سياسي؟ وعندما قال سوير، إن الرئيس لا يمكن أن يتحمل المسؤولية عن مثل هذا «العمل الرسمي»، قالت القاضية سوتومايور، بدعم من القاضي كيتانجي براون جاكسون، إن مؤسسي أميركا لم يتصوروا قط أن الرؤساء السابقين سيكونون محصّنين من الملاحقة القضائية على الأعمال الإجرامية المرتكبة بسبب أفعالهم والهادفة إلى «ربح شخصي». وقالت سوتومايور، إن واضعي الدستور انتبهوا إلى مثل هذه التفاصيل.

وبرز سؤالان باعتبارهما من الاهتمامات الرئيسة للقضاة. أولاً، أي تصرفات ترامب المزعومة تعتبر رسمية (وبالتالي من المحتمل أن تكون محصنة)، وأيها خاصة (وبالتالي أساس مشروع للملاحقة الجنائية؟). ثانياً، ما المبادئ التي ينبغي للقضاة استخدامها لتمييز الفرق، ومن خلال أي نوع من الإجراءات القضائية؟

ادعاءات كاذبة

اعترف سوير، محامي ترامب، في وقت مبكر بأن العديد من ادعاءات سميث بحق ترامب تندرج في الفئة «الخاصة». واعترف بأن نشر ادعاءات كاذبة - عن عمد - بشأن تزوير الانتخابات والتآمر مع محامٍ خاص لتقديم ادعاءات كاذبة، هما عملان خاصان، وبالتالي يخضعان للمحاكمة. وعلى النقيض من ذلك، قال سوير، إن «الاجتماع مع وزارة العدل لنقاش من سيكون القائم بأعمال المدعي العام للولايات المتحدة» هو عمل رسمي، ولا ينبغي أن يؤدي إلى المسؤولية الجنائية.

كما ضغطت القاضية إيلينا كاجان على سوير بشأن كيفية رسم هذه الخطوط. لقد شعرت بالذعر من ادعائه أن ترامب كان يتصرف رسمياً عندما حثّ المشرّعين في أريزونا على عقد جلسة استماع بشأن تزوير الانتخابات، وعندما عمل مع مسؤولي الحزب الجمهوري لتنظيم قوائم مزوّرة للناخبين الرئاسيين، كما أنها سألت سوير - على نحو غير مريح للأخير - عن إمكانية تحميل الرؤساء المسؤولية عن «التحريض على الانقلابات أو مشاركة الأسرار النووية مع حكومات أجنبية».

ولم تنجح هذه الاعترافات غير العادية ولا العرض الدقيق الذي قدّمه المحامي في وزارة العدل، مايكل دريبن - الذي عارض التماس ترامب - في ردع القضاة المحافظين عن الدفاع عن قراءة قوية للسلطة الرئاسية. ويبدو أن قضاة المحكمة العليا: صامويل أليتو، ونيل جورساتش، وكلارنس توماس، يميلون بشدة في اتجاه ترامب، حتى لو لم يكن نحو منح الحصانة المطلقة. كما دافع القاضي بريت كافانو عن فكرة طُرحت أخيراً في الأوساط القانونية المحافظة، مفادها أن القوانين الجنائية التي تتضمن «بياناً واضحاً يشير إلى الرئيس» وهي وحدها القادرة على الحد من سلوك الرئيس، لكنّ هناك قانونين جنائيين فقط يناسبان هذه القضية، كما قال دريبن. وبموجب قراءة القاضي كافانو، فإن «مجموعة القانون الجنائي الفيدرالي بأكملها، بما في ذلك جرائم الرشوة والتحريض على الفتنة والقتل، لا يمكنه تطبيقها (مع الرئيس)».

الأفعال المزعومة

وكما اعتاد القاضي ويليام برينان أن يقول: «بخمسة أصوات يمكنك أن تفعل أي شيء» في المحكمة العليا. ويبدو أن أربعة قضاة عازمون على منح ترامب ما يكفي من الفوز لإبطال قضيته المتعلقة بـ«محاولة إلغاء الانتخابات».

وقد يحدث هذا إذا أدت التأخيرات الناجمة عن التعليمات المقدمة إلى المحاكم الابتدائية - لتحديد أي من أفعال ترامب المزعومة تعد خاصة - إلى تأجيل بدء المحاكمة إلى ما بعد الانتخابات الرئاسية في نوفمبر. وإذا فاز ترامب يمكن أن يُنهي الدعوى.

ويبدو أن هناك من هو حريص على السماح ببدء المحاكمة، بطريقة أو بأخرى. وقد أثارت القاضية إيمي كوني باريت، مسألة السماح للمحكمة بالبدء «على الفور»، وكانت الوحيدة التي طرحت المشكلة في قاعة المحكمة، والتي اجتذبت اهتمام المستشار الخاص سميث، بالتأكيد.

وهذا يجعل رئيس المحكمة العليا روبرتس - الذي أسهمت أسئلته المتشككة في موازنة المخاوف بشأن موقف محامي ترامب - الصوت الحاسم المحتمل. إن الفروق الدقيقة والتفصيلات التي كُشف عنها في جلسة الاستماع قد تجعل الحل السريع للقضية أمراً صعباً. وقد يصدر الحكم في غضون أسابيع، أو قد لا يصدر حتى نهاية يونيو. عن «الإيكونوميست»

. يبدو أن قضاة في المحكمة العليا يميلون بشدة في اتجاه ترامب، حتى لو لم يكن نحو منح الحصانة المطلقة.

. رفضت محكمتان ابتدائيتان التماس ترامب للحصول على حصانة شاملة.

تابعوا آخر أخبارنا المحلية والرياضية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news

فيسبوك تويتر لينكدين Pin Interest Whats App

0 تعليق