المقابلة الشخصية ليست حاسمة

0 تعليق ارسل طباعة تبليغ

نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
المقابلة الشخصية ليست حاسمة, اليوم الاثنين 22 أبريل 2024 10:38 مساءً

المقابلة الشخصية ليست حاسمة

نشر بوساطة سامي الدجوي في الرياض يوم 22 - 04 - 2024

alriyadh
في غالب الأمر أننا أجرينا مقابلة شخصية مع شخص ما أو أُجريت معنا مقابلة شخصية، قد تكون هذه المقابلة الشخصية لغرض التوظيف، أو للدراسة، أو لخطبة عروس، أو غيرهم، وقد تأخذ هذه المقابلة شكلاً رسمياً كالوظيفة أو غير رسمي كالخطبة، وهذا أمر معتاد ودارج، لكن دعونا نتمعن قليلًا في الحالة التالية تحديدًا، وهي أن هناك مجموعة من الموظفين يُجرون مقابلة شخصية مع شخص تقدّم لوظيفة معينة، ستجد أن حال هؤلاء الموظفين أنهم أكثر انتباهًا ويقظة لأدق سلوك أو تَصّرف يصدر من الشخص وذلك للتعّرف على شخصيته ومناسبته للوظيفة، ويحاول الموظفون أن يجتهدوا في طرح أسئلة دقيقة للحصول على معلومات غير متوفرة لديهم عن الشخص، وفي الوقت نفسه يكونون منتبهين ويقظين لأي ردة فعل أو سلوك يصدره الشخص أثناء الإجابة عن الأسئلة، كل ذلك أمر طبيعي دارج ومعتاد، لكن، ما الخلل في ذلك؟
يكمن الخلل في تفسيرات هؤلاء الموظفين السريعة التي استنتجوها من سلوكيات الشخص المتقدم للوظيفة، مثل: دخول الشخص إلى غرفة المقابلة الشخصية بسرعة دون أن يصافح الموظفين، فيكون التفسير السريع لدى الموظفين أن هذا الشخص غير مبالٍ وربما يكون متعالٍ. هذا التفسير قد يكون صحيحاً، لكن قد يكون أيضًا خاطئًا، فما أسباب التفسيرات السريعة؟ هناك عدة أسباب، أذكر منها سببين؛ السبب الأول: هناك اعتقاد خاطئ بأن هناك علاقة السبب والنتيجة دائمًا، حتى في الحالات التي لا يكون فيها أي رابط بينهما، نوضح ذلك بمثال واقعي: يسأل أحد الموظفين شخصًا تقدم لوظيفة ما عن عمله السابق فيرد الشخص بإيجاز شديد وإجابات مختصرة، هنا ربما يُفسر الموظفون بأن هذا الشخص يخفي شيئاً ما عن عمله السابق أو لا يحب الحديث عن تلك التجربة، وهنا يفسر الموظفون ذلك بأن الشخص غير صريح أو أن لديه بعض العلل في عمله السابق ويريد إخفاءه، وقد يصدرون قرارًا بأنه لا يصلح للتوظيف، فالسبب هنا رد الشخص بإيجاز شديد وإجابة مختصرة، والنتيجة أنه لا يصلح للتوظيف. ثاني أبرز أسباب التفسيرات السريعة شيوعًا التي تحصل أثناء المقابلات الشخصية هو أن هؤلاء الموظفين يحاولون أن يستنتجوا خصائص الشخص وصفاته من خلال سلوكياته سواء اللفظية أو الحركية أو الإيمائية كتعبيرات الوجه مثلًا أثناء المقابلة الشخصية، وهذه الطريقة غير كافية وغير دقيقة لمعرفة ذلك؛ لأن الشخص أثناء المقابلة الشخصية يظهر أفضل ما لديه ويخفي أسوأ ما عنده، وقد يُبالغ في إظهار محاسنة حتى ينبهروا به، وهذا السلوك يعد درجة من درجات الكذب أو الخداع أو الغش، ويقع بعض الموظفين ضحية هذا الكذب، ويحدث ذلك كثيرًا عندما يتقدم رجل لخطبة امرأة، فيُظهر لها ولأهلها أفضل ما لديه من سلوكيات وتصرفات ويحاول أن يُخفي سلوكياته السيئة، وهي تفعل الشيء نفسه، وهنا يقودنا إلى السؤال التالي، ما نتائج تلك التفسيرات؟
النتائج السلبية للتفسيرات غير المدروسة ما يلي: أولًا، أنها تؤدي إلى اختيار الشخص الخطأ، والذي يؤدي إلى عدم تحقيق أهداف المنظمة بكفاءة. ثانيًا، غالبًا ما يتم اختيار شخص لديه درجة من درجات الكذب أو الخداع أو الغش، وسيظهر هذا على سلوكياته أثناء العمل ويؤثر ذلك سلبًا على بيئة العمل. ثالثًا، التكلفة العالية من إجراء عملية المقابلة الشخصية، فالإعداد للمقابلة الشخصية يتطلب جهدًا ووقتًا كبيرين في قراءة السيرة الذاتية، والتحري عن دقة معلومات التي قدمها الشخص، وتجهيز الأسئلة المناسبة لكل متقدم، وعملية المقابلة الشخصية. أخيرًا، قد تضيع فرصة جيدة لتوظيف الشخص المناسب الصادق الواضح الذي يعزز الأخلاق ويضيف قيمه للمنظمة، والآن بعد أن طرحنا الخطأين الشائعة عند إجراء المقابلات الشخصية والنتائج السلبية لهما، هنا نطرح الحل المناسب لذلك بغرض معرفة التفسير الصحيح والدقيق لسلوك الشخص ونستنتج خصائص وصفات الشخص بدقة أكثر، أبرز الحلول هو دراسة سلوك الشخص في الأماكن والمواقف التي لا يتوقع فيه أن يسلك سلوكًا يحوز على رضا الآخرين أو قبول منهم، ونقصد بأماكن مثل: مدخل المنظمة، ومكتب الاستقبال، وصالة الانتظار، وغيرها. أما المواقف فتكون مثل تعامل الشخص مع موظف الأمن لحظة دخوله إلى مبنى المنظمة، ومع موظف الاستقبال لحظة تعريفه بنفسه وسبب مجيئه، وسلوكه في صالة الانتظار مع الأشخاص الآخرين المنافسين له أثناء فترة انتظارهم للمقابلة الشخصية، وسلوكه مع العمال من الجنسيات المختلفة العربية وغير العربية، وردة فعله في حال وقع عليه خطأ، وغير ذلك. جميع هذه الأمثلة تحدث مع أناس لا يُؤثر رضاهم على قرار التوظيف، لذلك يكون سلوك وتصرفات الشخص هنا طبيعيًا دون التظاهر بتقديم أفضل ما لديه وإخفاء أسوأ ما عنده، وبهذه الطريقة يستطيع هؤلاء الموظفون كشف صفات المتقدم للوظيفة وشخصيته الحقيقية، وتعتبر هذه الطريقة أيضًا أعلى دقة وأكثر واقعية وأقل تكلفة.
حل آخر أستخدمه شخصيًا، وهي أن أسأل زملائي الموظفين في الإدارة الذين لم يشاركوا في المقابلة الشخصية عن رأيهم في الأشخاص الذين يتم إجراء المقابلات الشخصية معهم، فإخبار زملائي بأن أحد هؤلاء الأشخاص سيكون يومًا ما زميلًا لهم، وأن من الأفضل لهم اختيار الشخص الأنسب لفريق العمل والذي سيكون له تأثير إيجابي علينا وعلى إدارتنا وعلى المنظمة ككل، وأحيانًا أطلب من بعض الأشخاص المتقدمين للوظيفة بأن يعملوا لدينا لمدة تتراوح بين يوم إلى خمسة أيام مجانًا، وذلك ليتعرف زملاؤنا على سلوكياتهم أكثر ويتعرف الأشخاص على طبيعة العمل وكذلك زملائهم في المستقبل. وهذه الحلول تكون نتائجها إيجابية وفعّالة في اختيار الشخص المناسب، وأقل تكلفة.




0 تعليق